Header Ads

ضع اعلان هنا

اخر الأخبار

جماعة واحدة لا جماعات

 


جماعة واحدة لا جماعات

الحمد لله الذي أمرنا بالاعتِصامِ بكِتابِه وبسُنَّةِ نبيِّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛  والصلاة والسلام على نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ الذي بَيَّنَ لَنَا طَرِيقًا وَاحِدًا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْلُكُوهُ، وَهُوَ صِرَاطُ اللهِ الْمُسْتَقِيمُ، وَمَنْهَجُ دِينِهِ الْقَوِيمُ. أما بعد:

فأعلم وفقني الله وإياك لسلوك طريق الحق أن الإسلام دين واحد وجماعة واحدة، ليس فيه تحزبات ولا جماعات بل هي جماعة وحدة وهي من كانت على مثل ما كان عليه النبي e وأصحابه كما جاء في حديث عبدالله بن عمرو y ( ... وإنَّ بَني إسرائيل تفرَّقت على ثِنتينِ وسبعينَ ملَّةً ، وتفترقُ أمَّتي على ثلاثٍ وسبعينَ ملَّةً ، كلُّهم في النَّارِ إلَّا ملَّةً واحِدةً ، قالوا : مَن هيَ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ : ما أَنا علَيهِ وأَصحابي) حسنه العلامة الألباني. [1]

والجماعة: مأخوذة من مادة (جمع)، وهي تدور حول الجمع، والإجماع، والاجتماع، وهو ضد التفرق. ولفظ الجماعة قد صار اسما لنفس القوم المجتمعين، من جمع المتفرق، قال الفراء: فإذا أردت جمع  المتفرق، قلت: جمعت القوم فهم مجموعون[2]،  والجماعة في الإسلام هم سلف الأمة، من الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وهم الذين اجتمعوا على الحق الصريح من الكتاب والسنة، فالجماعة هنا هم المجتمعون على الحق، وإن كانوا قليلاً، وكان المخالف لهم كثيراً؛ لأن الحق هو الذي كانت عليه الجماعة الأولى من عهد النبي e ، والجماعة هي: حبل الله، قال ابن مسعود رضي الله عنه: (أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به، وما تكرهون في الجماعة، خير مما تحبون في الفرقة).[3] والجماعة هم الذين اجتمعوا على شريعة الله عز وجل، التي قال فيها الرسول e من حديث ثوبانt: (لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظاهِرِينَ علَى الحَقِّ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ، حتَّى يَأْتِيَ أمْرُ اللهِ وهُمْ كَذلكَ)[4]، هذه هي الجماعة  الحقة والتي يجب على المسلم أن ينتمي إليها لا إلى غيرها، فالجماعة هي: التي اتفقت على إمام واحد بعقد بيعة، فهذه هي التي يحرم الخروج عليها ، أما التحزب للجماعات تدعي أنهاإسلامية ولا تُريد إلا الانتصار لحزبها وفكرها سواءٌ كان بحق أم بباطل فإنه لا يجوز الانتماء إليها؛ لأن ذلك يتضمنٌ البراءة من الجماعة الشرعية الحقه، والولاء للجماعات الحزبية التي فيها التفرق والاختلاف، وقد قال تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) الشورى:13]. وقال تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران:105]. وقال تعالى لنبيهe : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام:159].

و إلا هذه الجماعات التي تدعي أنها تنتمي إلى الإسلام إذا كانت حقاً هدفها نصر الإسلام والانتصار له يجب عليها أن لا تتفرق، وأن تنحصر وتندمج في طائفةٍ واحدة وهي جماعة المسلمين التي على ما كان عليها رسول الله e وأصحابه، كما أخبر بذلك النبي e حين قال: ( ما أَنا علَيهِ وأَصحابي )[5].

فإن هذه الجماعات فرقت الأمة وشتتهم وألقت بينهم العداوة والبغضاء، حتى صار الواحد منهم ينظر إلى أخيه المسلم نظرة العدو البغيض، مع أن الكل منهم يدعي انتماء جماعته إلى الإسلام ويريد أن ينتصر الإسلام بها، ولكن أنى لهم ذلك وقد تفرقوا هذا التفرق وتمزقوا هذا التمزق؟، وهذه الفِرق والجماعات والأحزاب تختلف مع جماعة المسلمين الحقه؛ فمبنى بعض هذه الجماعة يخالف أصول أهل السنة والجماعة، بل أكاد أجزم أن أساس أكثرها إن لم يكن كلها صوفي خرافي، والعجيب أن بعضها لا يرى الإسلام إلا في حزبهم وأن ما عداهم في جاهلية جهلاء والبعض يدعو للدين على جهل وقلة علم ، وجميع هذه الجماعات والأحزاب تلوي أعناق النصوص الشرعية ليوافق ما يريدون أو ما يوافق فكرهم وأهدافهم ولقد رأينا بعضهم ضعف أحاديث في الصحيحين وفجأة بعد مدة صححها لأنها تخدم أهدافهم في هذا الوقت ولا نستبعد تضعيفها بعد مدة فالتصحيح والتضعيف حسب حزبهم لا حسب القواعد الحديثية والشرعية، ولو تأمل متأمل لوجد أن أغلب هذه الجماعات ترجع في فكرها ومبادئها لجماعة واحد.

فالواجب على المسلمين أن يسيروا وفق المنهج الذي رسمه اللهُ تعالى لِعِبَادِهِ، وَدَعَا إِلَّيْهِ نبينا محمد ، و ألا يتجاوزه فيسِيرُوا فِي الْخَطِّ الَّذِي خطه الشَّيْطَانُ لَهُمْ، فالْوَاجِبُ َالتَّحْذِيرُ من هذه الجماعات والأحزاب وبيان ْحَقِيقتهاَ؛ حَتَّى يبتعد النَّاسُ عن طَرِيقَهُمْ، وحتى لَا يَدْخُلَ مَعَهُمْ مَنْ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ أَمْرِهِمْ فَيُضِلُّوهُ، ويبعدوه عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِي أَمَرَنَا اللهُ تعالى بسلوكه، ولا ريب أَنَّ انشاء الفرق والجماعات يحرص أعداء الإسلام عليها لتمزيق الأمة، وأن كَثْرَةَ الْفِرَقِ وَالْجَمَاعَاتِ فِي الدولة الْمُسْلِمِة مِمَّا يَحْرِصُ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ أَوَّلًا، وَأَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ ثَانِيًا. فَالَّذِينَ جَعَلُوا مَنْهَجَهُمْ كِتَابَ اللهِ تَعَالَى وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ ، وَعَمِلُوا بِقَوْلِهِ : «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي؛ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ من بعدي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ»؛ هَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَمَا عَدَاهُمْ مِنَ الْجَمَاعَاتِ وَالْفِرَقِ وَالتَّنْظِيمَاتِ مُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ و اِلسُّنَّةِ، فلا يعتبر بِهِمْ؛ لانهم خالفوا للكِتَابَ والسُنَّةَ.

فالانقسام يُفَرِّقُ المسلمين، ويخرجهم عَنْ الْجَمَاعَةِ وَالِائْتِلَافِ إِلَى الْفُرْقَةِ و الِابْتِدَاعِ، وَمُفَارَقَةِ السُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ؛ وهذا مِمَّا نُهَى عنه، وَيَأْثَمُ فاعِله، وَيخْرُجُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَهَؤُلَاءِ يَخْتَلِفُونَ فِي بُعْدِهِمْ عَنِ الْحَقِّ وَقُرْبِهِمْ مِنْهُ، و هَذِهِ الْجَمَاعَاتِ، والتَّنْظِيمَاتِ تُوجَدُ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وليس هَذَا بمستغرب، وكلها تَحْتَ الْوَعِيدِ، إِلَّا وَاحِدَةً، وهي كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ : «افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً؛ كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، قالوا : مَن هيَ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ : ما أَنا علَيهِ وأَصحابي»[6]، فَوُجُودُ هذه الْجَمَاعَاتِ، والْفِرَقِ وَالتَّنْظِيمَاتِ أَمْرٌ واقع،  فقد َأَخْبَرَنَا بِهِ رَسُولُ اللهِ ، وَقَالَ: «مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا»؛ فالضَّابِطُ هو قوله e: «مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي»، لذا يجب علينا السَّيْرُ وَالِاقْتِدَاءُ بجماعة المسلمين أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، فهم الجماعة ولو كنت وحدك وهم السَّوَادُ الْأَعْظَمُ ؛ لِأَنَّ الحبيب لَمَّا بَيَّنَ هَذِهِ الْفِرَقَ؛ قَالَ: «كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً». قَالُوا: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: «مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي»، ثم هل هذه الجماعات التي تنتسب للإسلام تطبق هذا الضَّابِطُ ؟ فتفكر وتنبه.

فعلى المسلم المتبع لتوجيه الحبيب e ان يتمسك بسنته وسنة صحابته وسلف الأمة وأن يسأل أهل العلم الراسخين الثقات ويجب عليه أن يحتـاط لدينـه ، وأن لا يأخـذ ممن هب ودب، لأن هذا التفرق فرق المسلمين و أصبح المنتمي لهذه الجماعات يطعنون في بعض ويبغضون الجماعة الأخرى فهل هذا هو الإسلام وأخلاقه؟ ، وهذه ضربةٌ قاسية قاصمةٌ للظهر، فالأمة الإسلامية أمةً واحدة، لا تختلف ولا تتسمى كل واحدةٍ منهم باسم ترى أنها ندٌ للجماعات الأخرى.

وبلادنا ولله الحمد والمنه جماعة واحد تحت قيادة تتشرف بخدمة الإسلام والمسلمين وخدمة الحرميين الشريفين، ولدينا علماء سلفيين من أعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء وهيئة كبار العلماء وغيرهم من العلماء الرسخين يغنينا عن غيرهم ممن يلبسون على الناس دينهم.

أسال الله أن يحفظنا بحفظه ويثبتنا على التوحيد والسنة والتمسك بجماعة المسلمين أهل السنة والجماعة إنه ولي ذلك والقادر عليه.

محبكم

ابوالمثنى



[1] ـ صحيح الترمذي حديث رقم / 2641

[2] ـ لسان العرب ابن منظور  ٨/ ٥٧

[3] تفسير الطبري 4/ 22 ، الشريعة للآجري 1/ 2          

[4] صحيح مسلم حديث رقم / 1920

[5] سبق تخريجه

[6] ـصحيح الترمذي حديث 2641


ليست هناك تعليقات