Header Ads

ضع اعلان هنا

اخر الأخبار

العشر المباركة

 


لقد عَمَّ فضْل الله على أمَّة محمدٍ وطابَ، يومَ أنْ خصَّهم بأيَّامٍ فاضِلات يُضاعف فيها الثَّواب؛ (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، تلك العشر المبارَكات التي اشرقت ايامها، بخيرها وخَيْراتها، وأجرِها ومُضاعَفاتها، تلك العشر التي أوْدَع الله فيها من الفَضائِل ما لم يُودِعه في غيرها. ويَكفِي استِشعارًا لفَضْلها قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "ما العمَلُ في أيَّام العشر أفضل من العمَل في هذه"، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: "ولا الجهاد، إلاَّ رجُل خرَج يُخاطِر بنفسه وماله، فلم يَرجِع بشيءٍ"؛ وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "أفضَلُ أيَّام الدنيا أيَّام العشر"؛ فحَرِيٌّ بأهل الإيمان، ومَن تَحدُوهم الجنَّة والرِّضوان، أنْ يستغلوا هذه الأيَّام، ويَقدُروها في النُّفوس حقَّ قدرِها. فها هي أيَّام الرحمن قد حَلَّ زمانها، فأحسِنُوا ضِيافَتها، وأَكرِمُوها بحسن اغتِنامِها، وملء صَحائِف الأعمال من ثَوابِها. كم هو جميلٌ أنْ تُستَقبل هذه الأيَّام بتجديد التوبة مع الله - تعالى - توبة يستَذكِر فيها المرءُ ماضيه، ويضَعُ أعمالَه في ميزان المحاسَبة، فَيُبْصِر حينَها ذنوبًا سوَّلَها الشيطان، وخَطِيئات زيَّنتها النَّفس الأمَّارة؛ فيُورِثه ذلك ندَمًا على ما فات، ومُجافَاةً للذنب فيما هو آت، وما لزم عبدٌ بابَ الاستِغفار والتوبة فكان توَّابًا أوَّابًا، إلاَّ أشرَقتْ عليه شمس التوفيق في دنياه، وسَرَّه ما يَلقاه في صحيفته في أُخرَاه. قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "مَن أحبَّ أنْ تسرَّه صحيفتُه، فليُكثِر فيها من الاستغفار"؛ وإذا اجتَمَع للمسلم توبة نصوح مع أعمالٍ صالحةٍ في أزمنةٍ فاضلة، فقد تقلَّد الفَلاح، وتوسَّم النجاح، (فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ)  وأفضَلُ أعمال الأبرار التي تُقدَّم في هذه الأيَّام حجُّ بيت الله الحرام، مَن أدَّاه بنيَّة خالصة واتِّباع صحيح، فهنيئًا له تكفيرُ السيِّئات، والفَوْز بالجنَّات؛ قال - عليه الصَّلاة والسَّلام -: "مَن حجَّ فلم يرفث ولم يَفسُق، رجَع كيوم ولدَتْه أمُّه"؛ وفي الصحيحين أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: "والحجُّ المبرور ليس له جَزاء إلاَّ الجنَّة". يا أهلَ الصيام، بُشراكم هذه الأيَّام، فمع الصيام يُجاب الدُّعاء والنَّجوى، ويغرس في القلب التقوى، ويُباعِد المرء وجهَه عن نارٍ تلظَّى، ويسطر الصائم اسمَه في ديوان أهل الريَّان، ولا تَسَلْ بعد ذلك عن أجْر الصِّيام وثوابه؛ "إلاَّ الصوم، فإنَّه لي وأنا أجزي به". وثبَت عن رسولِ الهدى - أتْقَى الناس وأعبَد الخلْق - أنَّه كان يصوم تسع ذي الحجة؛ رواه الإمام أحمد والنسائي، وصحَّحه الألباني. وأصحابَ الأيادي البيضاء، وأهل الفَضل والعَطاء، هذا مَوسِم الإنفاق والإحسان، هذا مَوعِدٌ يُسَلُّ فيه الشُّحُّ من النُّفوس، فيا لله كم رسمَتْ أعطياتُكم البَسمة على الشِّفاه، وكم واسَتْ نفوسًا مَكلُومة، وكم كسَبَتْ قلوبًا ظلَّت وفيَّة لكم بالثَّناء والدُّعاء. وتذكَّروا أنَّ هذه الصدَقات زيادةٌ لكم في أموالكم، وأنَّ تلك الأعطيات هي في الحقيقة منكم وإليكم؛ (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ)، وقال - تعالى -: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ)، فأبشِرُوا أبشِرُوا بالعِوَض والمُضاعَفة، واسمَعُوا إلى هذه البشارة من نبيِّكم - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين قال: "إنَّ الله يَقبَل الصدقة ويَأخُذها بيَمِينه فيُربِّيها كما يُربِّي أحدُكم مُهرَه، حتى إنَّ اللُّقمة لَتَصِيرُ مثلَ أُحُد".



ليست هناك تعليقات