إنه الله جل جلاله

فأنتم تشاهدون أنه خلقكم ﴿ مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾، قال سبحانه: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ ﴾؛ أي: أفرأيتم ابتداءَ خِلْقتِكم من الـمَنِيِّ الذي تمنون، الذي هو هذا الماء المهين، الذي خُلقنا منه أنا وأنت يا عبد الله، ﴿ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ﴾، أي والله! هذا الماء مَن خَلَقه؟ إنه الله سبحانه! ليس بيدك خلقه، وكثير منا من رزقه الله من هذا الماء المهين أولادًا وبناتٍ، ومنَّا من لم يرزقه إلا الأولادَ الذكورَ فقط، وهو نفس الماء، ومنَّا من رزقَه منه البناتِ فقط، ومنَّا من لم يرزقْه شيئًا لا بنين ولا بنات، والماء موجود، ويراقُ في الأرحام؛ لكنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُقَدِّرُ ما يشاء سبحانه وتعالى، فهل أنتم خالقون لـذلك المنيِّ وما ينشأ منه؟ أم الله تعالى الخالق؟ الذي خلقَ فيكم من الشهوة وآلتِها من الذكرِ والأنثى، وهدى كلًّا منهما لما هنالك، وحبَّبَ بين الزوجين، وجعلَ بينهما من المودَّةِ والرحمةِ ما هو سببٌ للتناسل! فلا تنسوا أنكم راجعون إلى الله سبحانه، وأنه قدر عليكم ذلك ﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ ﴾؛ أَيْ: قَدَّرْنَا لِمَوْتِكُمْ آجَالًا مُخْتَلِفَةً، وَأَعْمَارًا مُتَفَاوِتَةً، الناسُ لا يموتون في عُمُرٍ واحد؛ بل منهم من يموت بعد المائة عام، ومنهم من يموت شابًّا أو كهلًا، ومنهم من يموت جنينًا في بطنِ أُمِّه، فليس للعمر حدٌّ معينٌ، ولا حَدٌّ يشملُ جميعَ الناس، وجميعَ المخلوقات، لا والله؛ بل قدَّر الموتَ لآجالنا، فآجالنا مختلفة، وأعمارنا متفاوتة، فَمِنْكُمْ مَنْ يَمُوتُ صَغِيرًا، وَمِنْكُمْ مَنْ يَمُوتُ شَابًّا، وَمِنْكُمْ مَنْ يَمُوتُ شَيْخًا هرمًا.
 
 
 
 المشاركات
المشاركات
 
 
ليست هناك تعليقات