
ايها المسلمون، الأعوام تتسابَق، والشهور تتراكض، والأيام تتسارَع، والليالي تتوالى، والساعات تمُرُّ، واللحظات تكرُّ، تشدُّنا إلى اللهِ شَدًّا، وما من يوم ينشق فَجْرُه إلا ويُنادي منادٍ: ((يا بني آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني، فإنِّي إلى يوم القيامة لن أعود)). وها قد جاءنا شهر رمضان بنفحاته، وبركاته، وبُشْرياته، وخيراته التي لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى، صيام وقيام، ليلة خيرٌ من ألف شهر، باب الرَّيَّان، صدقة الفطر، الانقطاع لله في الاعتكاف، تلاوة القرآن، الجود والإحسان، وما أجمل ما يُرِدُّده الناس في هذا الشهر: "رمضان كريم"! عباد الله، إن أيام رمضان معدودة، وساعاته محدودة، ولياليه مباركة، فلتكن فيه الطاعة، وبذل القناعة، والعمل ليوم الساعة، بالصيام إيمانًا واحتسابًا، والقيام إيمانًا واحتسابًا، وتلاوة القرآن تقرُّبًا وترفُّعًا، والذكر والصلاة إحسانًا وتوفيقًا، والصدقة والمواساة شُكْرًا وثناءً. فهنيئًا لكم هذا الشهر الذي تضوَّعتْ بالأَرَجِ لياليه، وتوهَّجَت بالعبير نواحيه، هنيئًا لكم هذا الزائر الميمون، والضيف المعظَّم المصون، هنيئًا لكم هذا المتجَرُ الربيحُ، والموسم الفسيح، والوجهُ الصبيح، هنيئًا لكم أن أمكنكم من التجارة الرابحة مَن أوسَعَ لكم مواسمها، ويسَّر لكم الأعمال الصالحة، مَن بيَّن لكم معالمها، ورغَّبكم في الخيرات، من وفَّر مغانمها، ودعاكم إلى رفيع الدرجات، من منحكم كرائمها. فأيُّ هناء وأيُّ بهاء وأيُّ عطاء؟! وأيُّ جَمال وأيُّ ظلال وأيُّ جلالٍ؟!
ليست هناك تعليقات