الشتاء ... حِكَمٌ وَأَحْكَامٌ

عَبَادَ اللهِ: إنَّ في تَقلُّباتِ الأَجْوَاءِ
عِبَراً، وَفِي شِدَّةِ البَردِ مُدَّكراً، يقُولُ رَبُّنَا -جَلَّ وَعَلا: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا
وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ
النَّارِ)، فَسُبحانَ من خَصَّ كُلَّ مَوسِمٍ بِما
يُنَاسِبُه من الزُّروعِ والثِّمارِ ونوَّعَها لِنَتَفَكَّرَ في بَدِيعِ صُنعِ
ربِّنا -جَلَّ وَعَلا-. فشِدَّةُ الحرِّ من فَيحِ جهنَّمَ،
وَشِدَّةُ البَرْدِ مِن زَمْهَرِيرِ النَّار، في الصَّحيحِ عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي
الله عنه- قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم: " اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا
فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ
فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ،
وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِير". عبادَ
اللهِ: وفي الشِّتَاءِ فَوَائِدُ وَأَحْكَامُ يَحْسُنُ مَعرِفَتُها والتَّذكيرُ
بها، وَفِي حَدِيثٍ رَواهُ الإمَامُ أحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الإمَامُ السُّيُوطِيُّ
-عَليهِمْ رَحْمَةُ اللهِ تَعَالى-، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله
عنه- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم: " الشِّتَاءُ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِ
قَصُرَ نَهَارُهُ فَصَامَ وَطَالَ لَيْلُهُ فَقَامَ"، وكانَ ابنُ مَسْعُود -رضي الله عنه- إذا
جَاءَ الشِّتاءُ قال: "مَرْحباً بالشِّتَاء تَنْزِلُ فيه
البَرَكَةُ، وَيَطُولُ فيه الَّليلُ لِلقِيامِ، وَيَقْصُر فيهِ النَّهارُ
للصَّيامِ".
ليست هناك تعليقات